علم الكلام هو من العلوم المستحدثة في الإسلام ـ و إن كانت جذوره و مبادئه موجودة في الكتاب و السنة ـ و يُبحث فيه عن إثبات أصول الدين الإسلامي أي الألوهية ـ التي تشمل التوحيد و العدل ـ و النبوة و الإمامة و المعاد ، بالأدلة التي تفيد اليقين و تسبب الإعتقاد .
و يتكفل هذا العلم الإسلامي بدراسة المسائل الإعتقادية ـ أصول الدين ـ و إثباتها بالأدلة و الحجج ، و مناقشة الأقوال و الآراء المخالفة لها ، و نقد الشبهات المطروحة حولها و دفعها بالحجة و البرهان .
فائدة علم الكلام :
1. معرفة أصول الدين معرفة علمية قائمة على أساس من الدليل و البرهان .
2. القدرة على إثبات قواعد العقائد بالدليل و الحجة .
3. القدرة على إبطال الشبهات التي تثار حول قواعد العقائد .
سبب تسميته بعلم الكلام :
في سبب تسمية هذا العلم بعلم الكلام أقوال كثيرة نشير إلى أهمها و هي :
1. إن تسميته بهذا الاسم مأخوذة من أول مسألة طرحت على بساط البحث في هذا العلم و هي مسألة كلام الله عَزَّ و جَلَّ هل انه حادث أم قديم .
2. سُمِّي بهذا الاسم لأنه كان من عادة علماء الكلام الأوائل بدأ مقالاتهم في كتبهم الإعتقادية التي تبحث عن أصول الدين بـ " الكلام في كذا " و من هنا جاءت التسمية .
3. بما ان من شان هذا العلم زيادة قدرة متعلميه على التحدث و الكلام في مجال العقيدة و الاستدلال فلذلك يطلق عليه علم الكلام .
تاريخ نشوء علم الكلام :
أما تاريخ نشوء هذا العلم و تأسيسه و تطوره فيعود ـ كما عليه جماعة من المحققين و العلماء ـ إلى عهد الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) و الأئمة المعصومين من أبناء علي ( عليهم السَّلام ) ، فهم الذين و ضعوا اللبانات الأساسية و القواعد الرئيسية لهذا العلم ، ثم إن أصحاب أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) هم الذين تعلموا هذا العلم و تسلَّحوا بسلاحه دفاعا عن العقيدة الإسلامية [1] .
يقول العلامة المُحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) ما ملخصه : " فقد أُسِّس علم الكلام في بدايات القرن الأول الهجري ، و لم يكن تأسيسه و تدوينه إلا لضرورة دَعت إليها حاجة المسلمين إلى صيانة دينهم و عقيدتهم و شريعتهم من تهاجمات الأفكار المضادة التي شاعت إثر الاحتكاك الثقافي بين المسلمين و غيرهم و بسبب ترجمة الكتب الفلسفية و الإعتقادية للفرس و اليونان ، فلم يجد المسلمون سبيلا إلاّ التسلح بالبراهين العقلية كي يصونوا بذلك معتقداتهم و يدافعوا عنها ، لكن التاريخ يشهد بأن قسما كبيرا من مسائل علم الكلام حول المبدأ و المعاد ، و حول التوحيد و العدل متخذة من خطب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) و انه هو البطل المقدام في دعم هذه الأصول و أحكامها ، و لو اعترفت المعتزلة بأن منهجهم الكلامي يرجع إلى علي ( عليه السَّلام ) فقد صدقوا في انتمائهم و انتسابهم إلى ذلك المنهل العذب الفياض ، و ليس علي وحده من بين أئمة أهل البيت أقام دعائم هذا العلم و أشاد بنيانه ، بل تلاه الأئمة الأخر منهم [2] .
يقول العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي : " و أما الحكمة و البحث في الأمور الإلهية ، فلم يكن من فن أحد من العرب … و أول من خاض فيه من العرب علي ( عليه السَّلام ) … و لهذا انتسب المتكلمون الذين لججوا في بحار المعقولات إليه خاصة دون غيره ، و سموه أستاذهم و رئيسهم ، و اجتذبته كل فرقة من الفرق إلى نفسها … " [3] .